السؤال: فضيلة الشيخ، إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقال: إنهم يسمعون ويبصرون بعد موتهم، وهذا الكلام له حجة أم لا أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب: الأموات عموما بما فيهم الأنبياء عليهم السلام لا يسمعون من يناديهم سماع قبول وامتثال فلا يمكنه إجابة الداعي، ولا امتثال ما أمر به أو نهي عنه، وهذا هو الذي نفاه الله بقوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، أما ما جاء في (الصحيحين) عن الميت إذا وضع في قبره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه»،
وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لقتلى يوم بدر من المشركين عندما سحبوا، وألقي بهم في قليب بدر، فقال لهم: «هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟» وقال: «إنهم يسمعون الآن ما أقول» ، ومثل سماع الميت للملكين عندما يوضع في قبره فيسألانه عن دينه ونبيه.. إلخ، ونحو ذلك مما ورد به الشرع، فإن الميت يسمعه سماعا برزخيا، الله أعلم بكيفيته، وليس سماعا دائما للميت، بل في هذه الحالات الخاصة، وليس سماعه كسماعه في الحياة الدنيا، بل هو خاص بأحوال البرزخ، ولا يعلم كيفية ذلك إلا الله ولا يترتب على هذا السمع نفع الميت أو ضره للحي، إذ لا يقدر على ذلك إلا الله سبحانه،
وأما ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام» فذلك خاص به صلى الله عليه وسلم، ولا يترتب على ذلك نفع النبي صلى الله عليه وسلم للحي ولا ضره إلا ما يحصل من الثواب من الله سبحانه لمن صلى وسلم عليه صلى الله عليه وسلم، ولا يطلب منه صلى الله عليه وسلم في قبره ما يطلب منه في الدنيا من قضاء الحاجات وحل المشكلات؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يطلبون منه ذلك لعلمهم أنه لا يجوز. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ج2 (2-457/456)