مسحللبحث عن حديث أو فتوى أكتب كلمة بسيطة

ما حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج؟

سؤالي هذا عن الاحتفال في ليلة الإسراء والمعراج، وهنا في السودان يحتفلون في ليلة الإسراء والمعراج في كل عام، هل هذا الاحتفال له أصل من كتاب الله ومن سنة رسوله الطاهرة، أو في عهد خلفائه الراشدين، أو في زمن التابعين؟ أفيدوني، أنا في حيرة، وشكراً لكم شكراً جزيلاً.

الجواب: ليس لهذا الاحتفال أصل في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم، وإنما الأصل في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرد هذه البدعة؛ لأن الله تبارك وتعالى أنكر على الذين يتخذون من يشرعون لهم ديناً سوى دين الله عز وجل، وجعل ذلك من الشرك كما قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾. ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». والاحتفال بليلة المعراج ليس عليه أمر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم محذراً أمته بقوله في كل خطبة جمعة على المنبر: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة». وكلمة (كل بدعة) هذه جملة عامة ظاهرة العموم؛ لأنها مصدرة بالكل التي هي من صيغ العموم التي هي من أقوى الصيغ. ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من البدع، بل قال: «كل بدعة ضلالة». والاحتفال بليلة المعراج من البدع التي لم تكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم، وعلى هذا فالواجب على المسلمين أن يبتعدوا عنها، وأن يعتنوا باللب دون القشور إذا كانوا حقيقة معظمين للرسول صلى الله عليه وسلم، فإن تعظيمه بالتزام شرعه وبالأدب معه لا حيث لا يتقربون إلى الله تبارك وتعالى من طريق غير طريقه صلى الله عليه وسلم، فإن من كمال الأدب وكمال الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتزم المؤمن شريعته، وألا يتقرب إلى الله بشيء لم يثبت في شريعته صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا فنقول: إن الاحتفال بدعة يجب التحذير منها، والابتعاد عنها. ثم إننا نقول أيضاً: إن ليلة المعراج لم يثبت من حيث التاريخ في أي ليلة هي، بل إن أقرب الأقوال في ذلك على ما في هذا من النظر أنها في ربيع الأول وليست في رجب كما هو مشهور عند الناس اليوم، فإذن لم تصح ليلة المعراج التي يزعمها الناس أنها ليلة المعراج وهي ليلة السابع والعشرين من رجب، لم تصح تاريخياً كما أنها لم تصح شرعاً، والمؤمن ينبغي أن يبني أموره على الحقائق دون الأوهام.

السؤال: ربما يقال: ما الذي ينبغي للمسلم أن يفعله إذا وافق هذه الليلة مثلاً في أول الربيع أو في رجب؟

الجواب: لا ينبغي أن يفعل شيئاً؛ لأن مَن هم أحرص منا على الخير وأشد منا تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون شيئاً على ما روي، ولهذا لو كانت هذه الليلة مشهورة عندهم ومعلومة لكانت مما ينقل نقلاً متواتراً لا يمتري فيه أحد، وكانت لا يحصل فيها هذا الخلاف التاريخي الذي اختلف فيه الناس واضطربوا فيه، ومن المعلوم أن المحققين قالوا أنه لا أصل لهذه الليلة التي يزعم أنها ليلة المعراج، وهي ليلة السابع والعشرين، ليس لها أصل شرعي ولا تاريخي.

السؤال:
إذاً الاختلاف في وقتها دليل على عدم الاحتفاء بها.
الجواب: نعم.

الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
(فتاوى نور على الدرب / الشريط رقم 35)